ضيقُ الصدرِ وطيب القلب.

ضيقُ الصدرِ وطيب القلب.

  • ضيقُ الصدرِ وطيب القلب.

اخرى قبل 3 سنة

ضيقُ الصدرِ وطيب القلب.

بكر أبوبكر

 

في فترات الضعفِ أوالسواد، وفي فترات الأزمات والمآزق، وافتقاد المخارج أوانغلاق الوعي عنها يتعلق الشخصُ بأية حِبال، حتى تلك المعلقة بالهواء!

 ويحاولُ أن يجد عبر الأمنيات أوالآمال، أو حتى الأحلام مدَدًا وإن بدا متباعدًا.

وفي كثير من حالات الحزن، أو التشتت أوفقدان الأمل أواليأس المدقع، وفي حالات الانحطاط النفسي قد يلجأ الشخص الى السخط والغضب والصراخ

 وقد يحتفن عند كل ردّة فعل، وحتى في مواجهة أي بادرة.

 وقد يتوتّر عند كل هزّة كأس مليئة بماء الحياة.

 بل وتجد من يُعرِض عن الجميع في مثل هذه الحالات.

 فينعزل مع المنعزلين في قوقعة ذواتهم.

وهؤلاء يلجأوون للكثير من الذكريات  للغرْفِ من ماضٍ كان جميلاً، أو هكذا يعيدون تشكيله، لعلّه يُشكل سياجًا للروح المجروحة، من التفتت!

وفي سياق آخر هناك من يتصور أو يتخيل أو يتمنى أن تكون الغمّة الى زوال..هكذا

ففي النفس المثقلة بالآلام الكثيرُ من الرغبة بالتفريج التي ينتظرها الشخص بشغف

عند كل انفراجة شفتين

أو عند كل خبر يصِله

أو عند كل منشور أصبح يترقّبه على وسائل التواصل الاجتماعي!

أو عند كل قبلة قد تصله عبر نسمات الربيع المختلسة

في حالات الغمّ والانحسار النفسي وحالات الانقباض لخطر أو معضلة أو مشكلة قاسية

قد يلجا المؤمنون لإيمانهم فيختبرون أنفسهم بالآيات، أو الرُقيا أو الدعوات والصلوات.

 ومنهم من يلجأ للموسيقى الهادئة...أو الصاخبة!

 وقد يلجؤون الى الطبيعة

 المتدفقة الأجوبة

 كثيرة النظر

 بادية الحسن

 جميلة الردود

 ومنهم من يلجأ الى الأصدقاء والأحباب والأصحاب

ولك أن تضع غير ذلك!

وفي كل هؤلاء محاولات للتعزية أو التخفيف أو الخروج النفسي من المأزق العام، الجماعي، والذي في حقيقته هو مازق ذاتي أولًا: بين الواقع وما كان، وبين الواقع والمرغوب أن يكون.

في الحقيقة لم أجد أفضل من التعزية والإغداق العظيم الذي غمرَ الله سبحانه وتعالى به نبيّه الكريم حينما قال له (ألم نشرح له صدرك) فسرّى عن نفسِه الشريفة، وفي آيات أخرى.

 لكن آية بذات المجال محدّدة جميلة طليّة بهرتني واستوقفتني طويلًا، وكأنك تسكبُ منها على روحي التّعِبة ماء الخلود!

يقول الله سبحانه وتعالى لنبينا العظيم مخففًا ومعزيًا ومطيبًا ومسريًا، ومهدئًا من صراعه الذاتي أوحزنه ورغبته التي لم تتوافق مع واقع الألم من النكوص والاستهزاء والتمنع والإعراض عن دعوته (ولقد نعلمُ أنك يضيق صدرُك بما يقولون فسبّح بحمد ربك وكن من الساجدين-97 الحجر)

يقول الله تعلم (ولقد نعلمُ أنك يضيق صدرك) والضيق عكس الانشراح والضيق عكس التفريج، والضيق هنا من القول فكيف بالفعل؟ وهو الأشد! أو الذي ما يكون كثيرًا مقترنا بالقول كأن يشتم الشخص أخاهُ ويتجهّم بوجهه ويعبس، ويحرّك يديه بإشارات مبتذلة أو طاردة أو يرميهِ بتُهم أو بحجر! فيقاطعه ويسلّط عليه الأراذل!

يقول الرازي في التفسير الكبير:"أن المعتزلة قالت: من اعتقد تنزيه الله تعالى عن القبائح سهُل عليه تحمّل المشاق، فإنه يعلم أنه عدلٌ منزّه عن إنزال المشاق به من غير غرض ولا فائدة ، فحينئذ يطيب قلبه".

(ولقد نعلم أنك يضيق صدرك)؟ وماذا نريدُ أكثر من عِلم الله سبحانه وتعالى مُسريَا ومعزّيا ومهدئا ومطيّبا فهو الى جانبنا ويعلم.

ومع علمنا أن الله سبحانه وتعالى يعلم، قد ننسى كثيرًا أنه الملجأ حين العجز والضعف والأزمة فتتوه فينا العقول وتتناثر الأرواح وتنقبض النفوس والصدور.

(ولقد نعلمُ أنك يضيق صدرك)

يقول تعالى ولقد نعلم (أنك) وليس (إنه) يضيق صدرك؟

فأنت وصدرك كلٌّ واحدٌ يضيق فتضيق دنياك كلها في صدرك، ومعها كل جوارحك أعضائك! أنت كلّك.

فعِلمُ المولى بحد ذاته باب الفرج الأكيد فسبّح واسجد واقترب...واثبت.

 
 

التعليقات على خبر: ضيقُ الصدرِ وطيب القلب.

حمل التطبيق الأن